GuidePedia

0

 محمد لبويهي

الحاج عبد العزيز المقدم نقيب زوايا رجراجة واحياء الذاكرة


في حضرة الذاكرة والهوية: تأملات في مسيرة الحاج عبد العزيز المقدم، نقيب شرفاء رجراجة 

بقلم: حفيظ صادق 

في زمن يركض فيه العالم نحو النسيان، نُفاجأ بوجود أشخاص يقررون أن يقفوا بثبات في وجه هذا الجرف الهادر، لا لحب المجد ولا لهوس الزعامة، بل بدافع أعمق... بدافع الوفاء للذاكرة، والالتزام بما تبقى من جوهر الانتماء.

أكتب اليوم بصفتي شاهداً لا مجرد راوٍ ، عن رجل نذر حياته لشيء أسمى من المصلحة الشخصية أو التقدير العام. أكتب عن السيد الحاج عبد العزيز المقدم، نقيب شرفاء رجراجة الأحرار، ذلك الرجل الذي يشبه في حضوره ذاكرة تمشي على الأرض. الحاج عبد العزيز ليس زعيماً تقليدياً، بل حامل لرسالةٍ تاريخية وروحية تعود إلى قرون من الصمت والنسيان. لقد وُلد في قلب سياقٍ صعب، حيث الهوية الرجراجية كانت مهددة بالانقراض بعد أن عمل الاستعمار جاهداً على طمسها، كما طمس الكثير من الذاكرات الجماعية لشعوبنا. لكن والده، المرحوم الحاج سيدي محمدان، أدرك مبكراً أن النسيان لا يُهزم إلا بالفعل. فشرع في بعث التراث الرجراجي من تحت ركام التهميش، وحوّله إلى ذاكرة حية نابضة بالحكمة والانتماء. كان يمكن لهذه القصة أن تنتهي عند هذا الحد، لولا أن الحاج عبد العزيز ورث الشعلة وأبى أن تنطفئ. لم يكتفِ بالحفاظ على الذاكرة، بل ذهب أبعد: ربط الماضي بالمستقبل. انخرط في مشاريع تنموية تخدم زوايا رجراجة، وجعل من محاربة الجهل ونشر العلم مهمة مقدسة. وقد فعل ذلك دون استعراض أو ادّعاء، بل بروح القائد الذي يكتفي بأن يكون في قلب العمل لا على هامشه.

رأيته عن قرب، واستمعت إلى من عاشروه، وكان القاسم المشترك بين كل من تحدث عنه هو هذه العبارة المتكررة: "رجل متواضع، وعزيمته تسبق مقامه." إنك لا تخرج من لقائه محمّلاً بانطباعات سطحية، بل بإحساس عميق بأنك رأيت شخصاً نادر الوجود، يتحدث عن التاريخ وكأنه جزء منه، ويتعامل مع الحاضر كفرصة لا تُفوّت لتصحيح المسار. ليس سهلاً أن تكون قائدًا روحيًا في زمن يفرّق بين الروح والعمل. لكنه فعلها، وجعل من قيادته للرجراجيين الأحرار نموذجًا في التوازن بين الالتزام الوطني، تحت راية جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبين الحفاظ على خصوصية هذا الموروث التاريخي الفريد.

إرسال تعليق