GuidePedia

0
فقد أخرج الإمام ابن ماجه في سننه: حدثنا عمر بن رافع ثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن بلال: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يُؤذِنه بصلاة الفجر، فقيل: هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، فأُقِرَّت في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك.   قال الشيخ الألباني: صحيح.
وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده (16524) من طريق آخر: ثنا يعقوب قال أنا أبي عن بن إسحاق قال: وذكر محمد بن مسلم الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال:
لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس يجمع للصلاة الناس وهو له كاره لموافقته النصارى؛ طاف بي من الليل طائف وأنا نائم رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله قال: فقلت له: يا عبد الله أتبيع الناقوس، قال: وما تصنع به، قلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على خير من ذلك، قال: فقلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمداً رسول الله أشهد أنَّ محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخرت غير بعيد، قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ هذه لرؤيا حق إن شاء الله)) ثم أمر بالتأذين، فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك، ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة. قال: فجاءه فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل له: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم، قال: فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم، قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر.
قال ابن حجر [تلخيص الحبير 1/201] حول هذا الحديث: ((وفيه انقطاع مع ثقةِ رجاله، وذكره بن السكن من طريق أخرى عن بلال؛ وهو في الطبراني من طريق الزهري عن حفص بن عمر عن بلال وهو منقطع أيضاً، ورواه البيهقي في المعرفة من هذا الوجه فقال عن الزهري عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن أنَّ سعداً كان يؤذن قال حفص فحدثني أهلي أنَّ بلالاً فذكره، وروى ابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه فذكره قصة اهتمامهم بما يجمعون به الناس قبل أن يشرع الأذان وفي آخره وزاد بلال في نداء صلاة الغداة: الصلاة خير من النوم، فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسناده ضعيف جداً، ولكن للتثويب طريق أخرى عن بن عمر رواها السراج والطبراني والبيهقي من حديث بن عجلان عن نافع عن بن عمر قال: كان الأذان الأول بعد حي على الصلاة حي على الفلاح: الصلاة خير من النوم مرتين. وسنده حسن، وسيأتي بقية الأحاديث في ذلك)).
وذكر الحديث الزيلعي في [نصب الراية 1/217] وسكت عنه.
أقول: علة الحديث عند الحافظ وغيره هو الانقطاع بين محمد بن إسحاق – وهو مدلِّس ولم يُصرِّح بالتحديث – وبين الزهري؛ ولكن هذه العلة قد ارتفعت بمتابعة معمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة والنعمان بن المنذر لمحمد بن إسحاق في روايته عن الزهري عن سعيد بن المسيب هذه؛ وإليك هذه المتابعات:
1- أخرجه عبد الرزاق في [مصنفه 1820]: عن معمر عن الزهري عن ابن المسيب: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ بلالاً يؤذن بليل؛ فمن أراد الصوم فلا يمنعه أذان بلال حتى يؤذن بن أم مكتوم)) قال: وكان أعمى فكان لا يؤذن حتى يقال له أصبحت، فلما كان ذات ليلة أذَّن بلال، ثم جاء يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم فقيل له: إنه نائم، فنادى بلال: الصلاة خير من النوم، فأقرت في الصبح.
2- وأخرجه البيهقي [السنن الكبرى 1834]: وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو أنبأ أبو محمد المزني أنبأ علي بن محمد بن عيسى ثنا أبو اليمان أخبرني شعيب عن الزهري قال: حدثني سعيد بن المسيب فذكر قصة عبد الله بن زيد ورؤياه إلى أن قال: ثم زاد بلال في التأذين الصلاة خير من النوم، وذلك أنَّ بلالاً أتى بعد ما أذَّن التأذينة الأولى من صلاة الفجر ليؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة، فقيل له: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نائم، فأذن بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم، فأقرت في التأذين لصلاة الفجر.
3-  وأخرجه البيهقي في [مسند الشاميين 1254]: حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا سلمة بن الخليل الكلاعي الحمصي ثنا مروان بن ثوبان قاضي حمص ثنا النعمان بن المنذر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة : أنَّ بلالاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم عند الأذان الأول من الصبح فوجده نائماً، فناداه: الصلاة خير من النوم، فلم ينكره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأدخله في الأذان، فلا يؤذن لصلاة قبل وقتها غير صلاة الفجر.
وأضاف الشيخ الألباني - تبعاً للحاكم - متابعاً رابعاً وهو يونس بن يزيد، فقال [الثمر المستطاب 1/115] في حكمه على هذا الحديث: ((وهذا سند جيد أيضاً، وابن إسحاق وإن كان لم يصرح بسماعه من الزهري فقد تابعه عليه جمع، قال الحاكم (3 / 336): وحديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور، رواه يونس بن يزيد ومعمر ابن راشد وشعيب بن أبي حمزة ومحمد بن إسحاق وغيرهم)).
قلتُ:
لم أجد هذه المتابعة هكذا؛ وإنما وجدتها على صورتين: الأولى من غير طريق سعيد بن المسيب، والثانية دون ذكرٍ لزيادة بلال، والله أعلم بها.
ثم اعلم أنَّ هذا الحديث ورد من غير طريق سعيد بن المسيب، وورد من غير طريق الزهري، ومن غير طريق عبد الله بن زيد بن عبد ربه؛ ولو تتبعنا ذلك لطال المقال، فالحديث صحيح لا ريب في ذلك لمن حقق فيه.
وكل هذه الطرق تُثبتُ أنَّ بلالاً هو الذي كان يقول: "الصلاة خير من النوم"، مع اختلاف ألفاظها وأسانيدها.
وقد أخرج أبو يعلى في [مسنده 5504]: قال الزهري: وزاد بلال في نداء صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم، فأقرها نبي الله صلى الله عليه وسلم، وقال عمر: قد رأيت مثل الذي رأى ولكنه سبقني. قال الألباني في تخريج فقه السيرة: ((صحيح بشواهده)). وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (2157): قال نا حفص بن غياث عن حجاج عن عطاء عن أبي محذورة، وعن عطاء عن سويد عن بلال: أنه كان آخر تثويبهما الصلاة خير من النوم، وأخرج بعده كذلك  [2158]: قال ثنا وكيع عن سفيان عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة: أنه أرسل إلى مؤذِّنه إذا بلغت حي على الفلاح فقل: الصلاة خير من النوم؛ فإنه أذان بلال.
فأقول...: فهذا عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الصحابة والتابعين، وهذا أذان بلال الذي يؤذن بليل؛ بل وفي بعض ألفاظ الحديث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أحسن هذا يا بلال؛ اجعله في أذانِك)) أخرجه الطبراني [المعجم الكبير 1081]، ورواه الحافظ أبو الشيخ ابن حيان في "كتاب الأذان" انظر [كنز العمال 23253]، و[نصب الراية 1/221]، وأخرجه الطبراني في قصة أخرى وفيها: ((اذهب فزده في أذانِك)) [الأوسط 7524] قال الهيثمي: ((وفيه عبد الرحمن بن قسيط ولم أجد من ذكره))، وهذا ثبات الأمر من ذلك العهد، فماذا تريد يا شيخ بعد ذلك؟! وكيف تعجَّلتَ بتبديع قول من يقول: أنَّ (الصلاة خير من النوم) كانت في أذان بلال؛ وقد فعله بلال نفسه، بل وقد أمره صلى الله عليه وسلم بإثبات ذلك في التأذين؟!!.
بل وكيف تقول: أنَّ هذا القول لا أصل له!!؛ وقد ذكره مثل هؤلاء الأئمة وغيرهم في مسانيدهم ومصنفاتهم، حتى قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى في [الاستذكار 1/398 ] وهو يتكلم عن التثويب في الفجر – أي قول المؤذن: الصلاة خير من النوم - :
((وأمرَ به – صلى الله عليه وسلم - مؤذنيه بالمدينة بلالاً، وبمكة أبا محذورة؛ فهو محفوظ، معروف في تأذين بلال وأذان أبي محذورة في صلاة الصبح للنبي صلى الله عليه وسلم، مشهور عند العلماء)) ثم ذكر جمع من الأدلة التي تثبت ذلك؛ وقد نقلنا بعضها.
قلتُ: فالأمر محفوظ معروف مشهور عند العلماء أنَّ التثويب كان في أذان بلال.
ومعلوم أنَّ بلالاً كا يؤذِّن بليل الأذان الأول.
والله الموفِّق

إرسال تعليق