ضبط رجال
اسانيد الامام مالك
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله
على سيدنا محمد وءاله وصحبه وسلم تسليما
سبقت الاشارة الى عناية الامام مالك رحمه الله بانتقاء شيوخه وضبط الرواية
والسماع عنهم : حفظا , وتقييدا , وجمعا , وتدوينا , مع ماكانت تحدوه في ذلك من
رغبة ملحة لاخذ العلم عن اهله ورجاله , ومن ايمان بقوة العلم الشرعي ومتانته ,
وماكان يعلمه من اتساع رقعة البلاد بسبب الفتوحات الاسلامية , وتأثير ماحصل من
تفرق الصحابة في الامصار , وتفاوت علمهم واطلاع بعضهم على مالم يطلع عليه الآخر من
السنن النبوية , فكان رضي الله عنه يتحرى فيما يثبته في موطئه في موطئه مماعليه
كبار شيوخه في العلم , ويرغب في التحقيق والاستزادة من الضبط ومراعاة مقتضيات
العلم وطرقه فلذلك كان يجل شيوخه ويجلونه , وكان مقدما عندهم ." وقد كان
السلف الصالح من الصحابة والتابعين لايكتبون الحديث ولكنهم يؤدونه لفظا وياخذونه
حفظا الا كتاب الصدقة وشيئا يسيرا يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء .. ولذلك قال
الحافظ ابن حجر رحمه الله : في اول مقدمة فتح الباري مانصه : " اعلم , علمني
الله واياك , ان أثار النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن في عصر اصحابه وكبار تبعهم
مدونة في الجوامع ولامرتبة ؛ لأمرين : أحدهما : انهمك انو في ابتداء الحال قد نهوا
عن ذلك كما ثبت في صحيح مسلم خشية ان يختلط بعض ذلك بالقرءان العظيم .
وثانيهما : لسعة حفظهم وسيلان اذهانهم ؛ ولأن اكثرهم كانوا لايعرفون
الكتابة . ثم حدث في أواخ عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار , لما انتشر
العلماء في الامصار , وكثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الاقدار " ,
"واتسع الخرق على الراقع , وكاد ان يلتبس الباطل بالحق , فاول من جمع في ذلك
الربيع بن صبيح , وسعيد بن ابي عروبة وغيرهما , وكانوا يصنفون كل باب على حدة ,
الى ان قام كبار اهل الطبقة الثالثة في منتصف القرن الثاني فدونوا الاحكام فصنف
الإمام مالك الموطأ بالمدينة. وقد ميز العلماء بين شيوخ الإمام مالك الذين روى
عنهم في موطئه بين من روى عنهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة وهم الاكثر
, وبين من نقل عنهم الرأي والاجتهاد ؛ أي الفهم والفقه في النصوص الشرعية طبقا
للضوابط المرعية. واما اصناف من روى عنهم في موطئه فنجد منهم :
1-
صحابة رسول الله صلى
الله عليه وسلم الأجلاء: فمنهم من يروي عنه
مباشرة عن كبار تلاميذهم من شيوخه من التابعين ,وهي تمثل ماعرف بثنائيات الامام ,
وهي اعلى ماعنده في الموطإ. ومنهم من يروي عنهم بواسطة ،وهذه ثلاثياته , ؛ ومن
جميعهم رجال ونساء ,منهم من ذكر باسمه أوبكنيته , ومنهم المبهمُ .
وقد سمى الجوهري في
مسند الموطإ من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة رجالا ونساء ,
واعتمدهم مالك الامام , وتتبع عددهم أحد الباحثين في ضوء نظم المعلومات المعاصرة
اعتمادا على رواية يحي بن يحي الليثي فإذا باعدادهم تصل حسب أصنافهم إلى مايلي :
-المذكورون باسمائهم
من الرجال : خمسة وثمانون رجلا . 85
-المذكورون بكناهم
من الرجال: تسعة عشر. 19
-المبهمون من الرجال
: ثمانية . 8
-المذكورات من
النساء : إحدى وثلاثون امرأة . 31
مجموعهم : ثلاثة
واربعون ومائة . 143
2 – التابعون : وقد سمى الجوهري
منهم ثمانية واربعون رجلا .
3 – شيوخ مالك : عددهم عند ابن عبد البر سبعة وتسعون رجلا ,
وترجم ابن خلفون لأربعة ومائة منهم في كتابه أسماء شيوخ مالك .واوصل صاحب أسانيد
الحديث من روى عنهم مالك وسماهم في موطئه الى واحد وثلاثون ومائة رجل ، يضاف اليهم
من قال فيهم : الثقة عنده " , "اهل العلم " , " رجل
اورجلان" ونحو ذلك . ومما يجدر بالذكر ان معظم ماعدده العلماء المهتمون برجال
سند الموطإ خصوصا من التابعين هم مدنيون ، باستثناء ستة رجال وهم :
-
أبوالزبير محمد بن
مسلم بن تدرس المكي (ت. 126 هـ ).
-
وحميد بن أب حميد
الطويل ( ت. 142 هـ ).
-
وايوب السختياني
البصري ( ت. 131 هـ ) .
-
وعطاء بن عبد الله
الخرساني ( ت. 135 هـ )
-
وابو سعيد عبد
الكريم بن مالك الجَزري الاصطخري مولى لعثمان أومعاوية (ت. 127 هـ )
-
وابو اسماعيل
إبراهيم بن أبي عبلة الشامي ( ت. 152 ÷ )
والسبب في ذلك يرجع الى منهج مالك في الاحتياط في الرواية عن اهل المدينة
والحجاز انفسهم الذين هم اهل بلده , وهو احق بالرواية عنهم من غيره , فمابالك
باحتياطه وتجنبه في الغالب للرواية عن غيرهم ,وشاهده من قوله : " لقد ادركت
سبعين ممن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين , واشار الى
المسجد , فماأخذت عنهم شيئا , وان احدهم لوائتمن على بيت مال لكان له أمينا إلا
أنهم لم يكونوا من اهل هذا الشأن .
وفي
هذا القدر كفاية وبالله التوفيق ان شاء الله . والحمد لله رب العلمين
إرسال تعليق